26 أكتوبر 2007

حوار مع صديقي " الكاميرا "

الوقت: يوم إجازة بعد شروق الشمس مباشرة رغم أن السحب تحجب ضوءها .
مكان التصوير : أحد الشوارع القصيرة في وسط البلد ذات المباني العالية القديمة , تقريبا خال من السيارات .

المشهد الأول – الكاميرا الأولي :
( في وضعية تصوير من علي رصيف المارة الضيق أمام بوابة البناية الأولي و يبدو الشارع بطوله يملأ مجال رؤية الكاميرا )
التفاصيل :
شاب طويل مفتول العضلات ذو ملامح قاسية وعينان صقراويتان , يلبس لباسا أسودا واسعا بدون أكمام يبدو منه ذراعاه وعليهما وشم بشكل مزركش يشبه صورة أحد الأبطال الخرافيين في الملاحم اليونانية القديمة , و بنطالا ضيقا بما يسمح برؤية تقسيمات عضلات فخذيه مع شريط أسود يلتف حول جبهته ومربوط من خلف رأسه , وبيده اليسري يمسك بسلسلة حديدية ذات مقبضين خشبيين وقوية بما يكفي لأن أؤكد لكم أن أي انسان لن يتحمل منها سوي ضربة واحدة كفيلة بإزهاق روحه.
عدسة الكاميرا تلتقط مع التقريب حركة الشاب وهو يمشي قادما علي الرصيف في اتجاهها وتركز العدسة علي الشاب الذي يملأ مجال رؤية الكاميرا بجسمه.
وفجأة:
بدأ الشاب يزيد من سرعته قادما في نفس الاتجاه حتى أخذ يجري مع التركيز علي شيء أمامه لم يظهر للكاميرا بعد ,
بعد جريه لمدة ثوان تظهرأمام الشاب فتاة ترتدي لباسا ضيقا وقصيرا ويبدو من هيئتها أنها عائدة من سهرة طالت حتى بزوغ شمس يوم جديد وتمشي متثاقلة في نفس الاتجاه حتى أحست بوقع أقدام الشاب القادم من خلفها يقترب بسرعة وهو علي وشك اللحاق بها , فتلتفت خلفها في اللحظة التي يمد الشاب يديه إليها فتظن أنه يريد سرقة حقيبة يدها المنمنمة و تلقائيا تحاول الابتعاد عنه بحقيبتها إلي جدار البناية المجاورة قبل أن تنطلق منها صرخة استغاثة , وأخيرا يصطدم الشاب بها إلا أنهما يفقدان اتزانهما بحيث يقع الاثنان أرضا وفي حركة بهلوانية ذات مغزي يدور الشاب ويقع هو أولا قبلها وهو ممسك بيديها وتقع هي فوقه .

المشهد الثاني – الكاميرا الثانية :

( في وضعية تصوير تشبه كاميرا واحد ولكن من ارتفاع الشرفة الثالثة في نفس البناية الأولي من الشارع )
التفاصيل : استكمال للمشهد السابق :
يقوم الشاب بسرعة البرق و يترك الفتاة مذهولة من الموقف المفاجئ تتنهد كالغزال الذي نجا من أنياب النمر دون أن يفهم كيف نجا ولماذا حدث هذا ويستمر الشاب في الجري ولكن بسرعة أكبر في نفس الاتجاه.
وهنا يدخل مجال رؤية الكاميرا عجوز طاعن في السن يبدو من هيئته أنه مريض ومن مشيته أنه يجد صعوبة في إنهاء مشواره الذي بدأه قبل وقت طويل .
تتحرك عدسة الكاميرا لنري مجالا أوسع فيظهر الشاب مقبلا من خلف العجوز المنهك وهو مصمم علي شيء ويزيد من سرعته كلما اقترب من العجوز الذي تظهرالآن إحدى يديه ممسكة بصرة منتفخة من القماش الأبيض منقوش عليها في خط ساحر علامة الدولار .
ومع اقتراب الشاب يبدأ العجوز بالالتفات نحو وقع أقدام القادم بسرعة من خلفه فيري منظر الشاب المرعب وهو يهم بالهجوم عليه فيحاول عبثا أن ينصب قامته المنحنية كقوس قزح في وجه الجبل القادم من الخلف لكن الشاب كان أسرع في اللحاق به وينقض الشاب عليه انقضاض النسر علي الحمامة .

المشهد الثالث – الكاميرا الثالثة :
( نفس وضعية تصوير كاميرا اثنان ولكن من ارتفاع ثلاثة أمتار فوق الطابق الأخير من نفس البناية)
التفاصيل : استكمال للمشهد السابق :
عدسة الكاميرا تعرض انقضاض الشاب علي العجوز المسكين , وتبتعد البؤرة ببطء ليبدو المنظر من فوق البناية ويدخل في مجال الرؤية أحد أجهزة رفع مواد البناء الثقيلة منتصبا فوق البناية وفوق العجوز مباشرة ويتدلي منه حبل فولاذي ينتهي طرفه السفلي بكتلة ضخمة من أحجار البناء ويبدو الحبل الفولاذي غير قادر علي احتمال كتلة الأحجاروفي لحظة ينقطع الحبل الذي كان يعاني لدرجة التهتك من الثقل منذ كان الشاب المرعب في بداية الطريق وتسقط كتلة الأحجار الثقيلة وتهوي أرضا فوق رأس العجوز الذي كان الشاب قد أحكم إمساكه في لحظة أقل ما يقال عنها أنها حاسمة و طرحه أرضا بعيدا عن مرمي الأحجار التي ارتطمت بالأرض في غيظ .

المشهد الرابع – بدون كاميرا !
أيقظ اهتزاز الشارع وصوت ارتطام الأحجار بالأرض سكان البناية في رعب من احتمال وقوع زلزال هو المسئول عما سمعوه و شعروا به قبل لحظات لدرجة أن الجميع أخذوا يتدافعون علي درجات سلم البناية بملابس نومهم.
ملحوظة:
استيقظ مبكرا كعادته حارس البناية المقابلة وأتخذ موقعه المعروف علي الرصيف المقابل وكان حاضرا للمشهد منذ بداية التصوير وبدا عليه أنه مندهش في غير حرارة حيث أن الجو بارد جدا !

23 أكتوبر 2007

كان ياما كان

يحكي أنه كان في زمن ما ملك و كان عنده في حاشيته وزير هو أهم شيء في حياته وكان الملك لا يقطع أمرا ولا يخطو خطوة إلا برأي الوزير .

وفي يوم من الأيام كانوا في رحلة صيد ورأي الملك غزالا فرماه بسهم لم يصبه في مقتل وأسرع الملك ليدرك الغزال الجريح قبل أن يهرب ورمي بنفسه من فوق حصانه ليلحق بالغزال وفي حركة سريعة وهو يطير من فوق حصانه سحب بيده خنجره ليهوي به فوق الغزال ........

لكن وهو يسحب الخنجر قطع اصبعه وهرب الغزال وهوي الملك من فوق حصانه وأخذ يتلوي من شدة الألم و يبكي لفقد اصبعه واستنجد بوزيره وما كان من الوزير الذي كان حاضرا الموقف إلا أن أمسك بيد الملك الجريحة وأوقف دفق الدم من الجرح وقال للملك:

"خير"

وفجأة.............

نسي الملك ما هو فيه من ألم وفقد وانتبه لكلمة الوزير في هذا الموقف ( خير ) ولم يطل تفكيره ولم يلبث إلا أن قال للوزير :"خير".........ملكك يجرح و يقطع إصبعه و تقول : "خير"! يبدو أنني لم أعرفك إلا اليوم .

أيها الحراس : خذوا هذا الكلب وارموا به في السجن !

مرت أيام وبدأ الملك يشعر بالملل فنديمه وشريكه في كل ساعات أيامه قد أمسي من الأعداء و ترك مكانه فارغا لا يملؤه أحد

وفي ليلة من الليالي خرج الملك دون صحبة أحد من الحاشية راكبا حصانه وترك له العنان دون اكتراث يسير حيث شاء حتي طلع عليه النهار فوجد نفسه في أرض غير الأرض .

في هذه اللحظة خرج عليه أهل هذه الأرض وكانوا من الذين يعبدون الحجارة ويلبسون الجلود فأخذوه أسيرا إلي سيدهم الذي ما إن رآه حتي قال له بحماس : أهلا وسهلا أنت حضرت في وقتك , إن من عادتنا في يومنا هذا الذي نحتفل فيه بكبير آلهتنا أن نقدم رأس أول غريب يطلع علينا قربانا نبتغي به رضا إلهنا .

جن جنون الملك و أخذ يضرب من حوله من الحراس الهمج حتي تعب وسقط أرضا من شدة الإعياء وهنا قال له زعيم مملكة الهمج : لا تعترض فهذه مشيئة إلهنا .

وعندما أدرك الملك أنه لا مفر من المكتوب حاول أن يفدي نفسه فقال لهم خذوا كل ما أملك فأنا ملك وأنا غني وأنا سيد قومي

رد عليه ملك الهمج : لا تحاول رشوتنا فنحن لا نقبل رشوة في حق كبير آلهتنا

وأخيرا استسلم الملك لقدره عاجزا وأخذه الحراس و أضجعوه فوق المذبح وحضر السياف ببلطته الكبيرة لينفذ طقوس القربان الملكي .

تسارعت أنفاس الملك الذي ولسبب ما رفض أن تغمض عيناه , وما أن رفع السياف بلطته ليهوي بها فوق عنق الملك حتي توقف فجأة وقال :

ما هذا ! إن هذا القربان ينقصه إصبع ! إنه قربان فاسد ولا يجوز أن نتقرب إلي كبير آلهتنا بمثل هذا القربان ,قم : أنت لا تصلح قربانا.

عاد الملك من حيث أتي وهو لا يصدق ما حدث كما لا يصدق أنه كتب له النجاة من موت محقق .

وفي غمرة فرحته بنجاته , تذكر كلمة وزيره يوم قطعت اصبعه : "خير" وفهم أخيرا درسا ما .

أصدر الملك أمره لحراسه بإحضار الوزير السجين فأحضروه وهو هادئ ووقف أمام الملك ناظرا إلي الأرض .

وحكي الملك ما حدث له وأردف سرده قائلا : ياوزيري أنا لم أفهم ما قلته إلا اليوم , وأشعر أنك ظلمت وأري أن ما أصابك من شر بسجني لك سببا لكي تتمني علي ما تريد حتي أعوضك عما جري لك .

قال الوزير : سيدي إن ما جري لي هو " خير "

رد الملك مسرعا : حتي هذه أيضا .! فأخبرني كيف ذلك يا وزيري

قال الوزير : لو أنني كنت موجودا معك في يوم أسرك عند هؤلا المجانين لكنت أنا قربانا صحيحا لمعبودهم !

17 أكتوبر 2007

رد و استطراد

أخويا سليم


بعد التحية والسلام والاحترام
احنا فـ زنارة بسلام
و احنا فـ زنارة من بعد ما سافرت وسبتنا
ووحشتنا
نتمني لك كل السعادة والسلام
..............................................
الناس هنا متغيرين ... معرفش ليه متبدلين.....
يمكن مفيش فيهم "سليم" ! وعشان كده متغيرين
وعشان كده متلهفين
متحيرين بين الشوارع فـ البلد
واما تغيب الشمس
و زي عادتهم
تلقي الحريم متلملمين تحت القمر عالمصطبة بالليل
اللي تقزقز لب
والتانية دي بتهب
وحاجات كتير م اللي انت عارفها ....لزوم المصطبة
أما الرجال
بالليل من بعد ما يصلوا العشا..... ييجي العشا
ويطفوا نور البيت ويسلموا الراية...
لست البيت
تحكم علي اخواته ماهم قاعدين
يروحوا الغيط ! .......
ويمزمزوا فـ الشاي
ومش عارفين ؟
قاعدين يعدوا فـ السنين بعد السنين
مستنيين
واوحش ما في الصحبة : آلام الانتظار
واحلي ما فـ الصحبة : الحنين !
.............................................
أما أنا :
من وقت ما تعرف .....
سهران ليالي طوال ويا القمر ....باعزف!
وبأعد حبات النجوم الضهر
زي الرمال الساكنة في أرض الحجاز...... الطهر
ومستنيك .
..............................................................
ليلة ما جاني جواب
عديت حجاز الرمل
ووصلتلك بالقلب
والقلب والع من نيران الشوق ومايملكش غير الانتظار!
من لهفتي ماسك "ألم" قلبي وباكتبلك
قاعد علي الكرسي اللي فاكرلك كلام الليل
وفاكرلك أرق خصام......... ومش ناسي!
عمال يدور زي الزمن
وساعات بيرجع للورا
ولما يرجعني لورا....
بارجع معاه- من غير ما يتلخبط ولا اتلخبط-
واعيد كل اللي فات.........
وساعات يقوللي الواد سليم راح فين !
ينده...... عليك !
وارجع ألف معاه من الأول
وآديني مستني .
......................................
و فـ ليلة: شفت منام
عودين ريحان تحت المطر واقفين
وسحابة بيضا بتعيط
وبتخانق سحابة رعد مسودة !
وعودين ريحان تانيين
متضللين بلحاف وكومة قش ومودة
وصحيت علي صوت الأدان
ورفعت إيدي للسما الصافية
أمسح جبين الليل
وأتوضا بندي قلبين ما يفترقوا
ولا بالموت
...........................................
والليلة دي من بعد ما طالت
خبط علي بابي أدان الفجر فـ معاده
وفتحتله قلبي
ولقيته متحني بلون النيل
القلب شقشق فوق سطوح الغلة يا صحبي
ولأول مرة
شفت السنابل زي ريش النسر بترفرف
شميت عبير الحسن في زهر اللمون
حسيت بنور الشمس فـ عيون الغيطان
مانا قلتلك مرة!
صدقني يا صحبي : لما السما تسود
الليل بيتغرب .....والفجر بيقرب
والدنيا دي اتنين: واحد بيتقرب , والتاني متغرب
.............................................................
أما انت يا صحبي أمرك عجيب والله:
حاسس بغربة ازاي
علي قد ما بيني و ما بينك من المسافات
لكن القلوب شايفاك ....وشايفها
وانا غربتي عارفاني من ملايين
عايش ما بين الأهل و الخلان.....
قلبي ماهوش ملكي
ومتغرب
والغربة دي وحشة !
الله يجيبك لنا ولقلبك التاني : "سالم""سليم "
.....................................
فاكر يا صحبي ليلة ما زعلتك:
كان غصب دا عني , وكان منك !
من بعدها عرفتك
سامحتني , سامحتك
علشان كده لما قريت أول جواب , وباستغرب
خطك ماهوش واضح! ودا عكسك
ولأن انا عارفك
قلبك مابين الكلمة والتانية :
من توب حرير ابيض.......
وخيوطه شابكة.....في حروف ناعمة
وعشان كده كان لازم اقراه مرتين
الأولانية عشانك , و التانية : علشان " سليم ".
...................................
اعذرني يا صحبي
كلامي كتير
الوقت "داء"
والوقت داء الكل
وقبل ما سيبك , مستني منك رد
ولحد ما يجيني: باستودعك رب القلوب
وختام

16 أكتوبر 2007

مولاي الشاعر

أفقت علي صوت كنت أقرؤه في مشهد من مسرحية صلاح عبد الصبور الشهيرة : " ليلي والمجنون" وكأنني أكتشف للمرة الأولي صواب ما يقوله الشاعر علي لسان هذه الشخصية:

" ما تملكه يا مولاي الشاعر
لا يطعم طفلا كسرة خبز
لا يسقي عطشانا شربة ماء
لا يكسو عري عجوز تلتف علي قامتها المكسورة
ريح الليل
إني أحمل هذا في جيب ( يخرج قلما )
حتى أتسكع معكم بين رياض الكلمات
إلي أن يأتي الوقت
لكني أحمل هذا في جيب آخر ........"

في ظلمة الليل وعلي ضوء اللمبة التي انقرضت تقريبا كان الصوت القارئ صوتي لكني كنت أسمعه كما لو كان صوتا من حنجرة أخري و شعرت أنني أفقت من سكرة طالت حتى طالتني ,فتمددت فوق سريرى وأخذت أؤنب نفسي علي ما ضيعت من وقت في تعلم أصول الكتابة الشعرية و المحاولات التي ارتقت أحيانا في رأي أصدقائي إلي ما يمكن أن نسميه شعرا من حيث الصنعة .
وبين شد وجذب تذكرت فجأة أن " الشعر ديوان العرب " و أن حبيبي كان يسمعه بل وكان يطلب سماعه بأسلوب ذكي وإن كان لا يقوله .

14 أكتوبر 2007

بسم الله الرحمن الرحيم

أهلا وسهلا بالزوار الكرام

أتمني أن تحوز هذه المدونة علي اهتمامكم وأرجوأن تتكرموا علي بتعليقاتكم التي هي موضع اهتمامي وسر نجاحي في هذا العمل الذي أهدي ثمرته وأجره إن كان هناك من أجر إلي أخي يحيي الذي غير كل حياتي شاكرا لكم اهتمامكم و زيارتكم التي أتمني أن تتكرر مرات ومرات حتي تكون بسمتي لمن يزورني بسمة